أين يقع وادي الجن

وادي الجن، أو كما يشتهر باسم وادي عبقر، هو اسمٌ يُطلق على أحد الوديان التي تقع قي صحراء نجد في المملكة العربية السعودية، وهو وادٍ سحيق، وعندما يُنسب شخص بأنه عبقري فإنه في الحقيقة يُنسب إلى وادي عبقر، أو وادي الجن، وسُمّي بوادي الجن لأن الروايات القديمة تقول إنّ شعراء الجن تقيم وتسكن في هذا الوادي.

تقول الرّوايات إنّ أيّ شخصٍ يبيت ليلةً في هذا الوادي جاء إليه شاعره من الجن، ولقّنه الشعر حتى أصبح شاعراً، وتقول الروايات أيضاً إنّ كل شاعر من شعراء زمن الجاهلية كان له قرين يسكن في هذا الوادي، وكان يلقّنه الشعر، أمثال مدرك بن واغم، صاحب الكميت بن زيد، ولاقط بن لاحظ، صاحب امرؤ القيس، ومسحل السكران بن جادل، صاحب الأعشى، وجالد بن ظل صاحب عنترة بن شداد.

تقول الروايات إنّ مجموعةً من الأشخاص كانوا خارجين في سفر، وكان معهم رجلٌ دليل يدلّهم على الطريق وسط الصحراء، وكان اسمه ابن سهم الخشب، لكنه ضلّ الطريق، فأشار لمن كانوا معه بالوقوف، وقال لهم : " باللات والعُزى ومناة الثالثة الأخرى، قِفوا ! نحن على حافة وادي عبقر! "، وأخذ يُشير إلى بطن الوادي باتجاه مجموعةٍ من الكثبان الرملية الناعمة والمقمرة؟

وفجأةً ظهر كائن غريب، على هيئة إنسان، وكان يمشي وهو يسوق ذكر نعامٍ مربوطاً بحبلٍ مصنوعٍ من الكتان، وقد كان قادماً من أعماق الوادي، فاستوحشوا من الخوف، وبدأت الإبل التي كانت مع المسافرين بالتراجع للخلف والتقهقر، حتى مرّ الكائن الغريب من جانب المسافرين، وكان أكثر طولاً من الناقة، وعاري الظهر، وينتثر على جسده نمش أخضر اللون يشبه الطحالب التي تنمو على وجه الماء الآسن، فارتعد الجميع من شدة الخوف، ووقف الكائن الغريب بعيداً، وبدأ يتلفّت باتجاههم، ويمعن النظر فيهم حتّى تجمّدوا في مكانهم من هول المنظر، وتوجّه الكائن الغريب بحديثه للدليل وقال له: " يا ابن سهم الخشب: من أشعر العرب ؟ "

من شدة خوف الدليل، لم يستطع الكلام والإجابة، فقال الكائن الغريب : " أشعر العرب من قال : وما ذرفتْ عيناكِ إلاّ لتضربي بعينيكِ في أعشارِ قلبِ مقتـلِ"، ومن المعروف أن بيت الشعر هذا لامرئ القيس، فقال الدليل: " باللات والعُزّى ومناة الثالثة الأُخرى، مَنْ أنت؟ "، وتراجع إلى الخلف، حتى أوشك على الوقوع، قال هذا ومضى يمشي وهو يضحك ويقهقه، حتى وقف دليل القافلة مندهشاً، ثم قال : " هذا لافظ بن لاحظ، شيطان امرئ القيس الذي يُملي عليه الشعر".